البرديات المصرية القديمة - اصلها لغويا
الآثار هى مرآة التاريخ حضارة الإنسان وهى الوثائق التاريخية التى تمدنا بالمعلومات عن الماضى ، مل أوراق البردى وما خط عليها من لغات متنوعة فى عصور مختلفة منذ العصور الفرعونية وحتى القرون الأولى من العصور الإسلامية .وقد نجح المصرى القديم فى استغلال الموارد والمواد التى قدمتها له بيئته ونتيجة للتجاوب الشديد بينما قد عرف المصرى القديم خصائص نبات البردى ومميزاته وفوائده واستخدمه فى جميع متطلبات حياته ، فمن الجزء الأسفل من الساق استخلص طعاماً شعبياً ومن الجزء الباقى من الساق صنع منه الصناديق والمناضد والسلال والصنادل ... الخ ، ومن السيقان الجافة صنع مراكب استخدمها فى صيد الطيور والأسماك .
إلا إن أهم استخدام للبردى كان استخدامه لعمل مادة الكتابة ، ولذلك فإذا ذكر البردى فإن الخواطر تنتقل سريعاً إلى مصر .
وتعد مخطوطات ووثائق البردى ثروة قومية تزخر بها المكتبات والمتاحف مثل المتحف المصرى والمتحف القبطى ومتحف الفن الإسلامى والعديد من المجموعات الخاصة .
وتراث البردى يختلف عن باقى الآثار فى كونه يحتوى على نبض الحياة – علم الإنسان وفكرة – عاطفته وأحاسيسه – دينه وثقافته .
فأينما وجدت البرديات وجد التاريخ الصحيح .
- البردى فى اللغة المصرية القديمة :-
يعتبر نبات البردى من أشهر النباتات الطبيعية فى مصر القديمة فقد ذكر فى العديد من النصوص والكتابات المصرية القديمة ومن دلائل أهميته بالنسبة للمصرى القديم استخدامه كعلامة هيروغليفية وحظى نبات البردى بعشرات الأسماء فى مختلف اللغات القديمة والحديثة من هذه الأسماء ما يصف حالاته المختلفة وقت زراعته ونموه وعندما يصير غضاً طريا ، وهناك أسماء أخرى تصف الأماكن التى يزرع فيها النبات وأسماء تدل على الاستعمالات والاستخدامات المتنوعة كالكتابة والوصفات الطبية ووسائل حفظ الأطعمة والوسائد وغيرها.وفيما يلى أهم الأسماء التى أطلقها قدماء المصريين على البردى :-
1- أسماء تصف البردى وقت زراعته ونموه وهيئته الخارجية :
أكثر الأسماء شيوعا " محيت " Mhit وأطلقوا على الساق اسم " واج " W3d والتى تعنى أخضر وقد تقرأ Wd ويعنى هذا الاسم معنى الخضرة والنضارة التى يتميز بها نبات البردى عندما ينمو فى وسط مناسب والتى كانت تبدأ من أوائل شهر يونيو إلى نهاية شهر أغسطس ، كذلك أطلقوا على نبات البردى اسم " حا " H3 وأطلقوا على الحزمة التى تحوى مجموعة من سقاته اسم "محو" Mhw ولأن نبات البردى كان ينمو وينتشر فى مستنقعات الدلتا فقد ضمن المصريون اسم نبات البردى فى اسم الدلتا منذ أواخر الألف الرابع قبل الميلاد وذلك باعتباره ظاهرة إقليمية تزداد وضوحاً فى مناطقها ولذلك أطلقوا علية اسم " تامحو" T3-Mhw والتى تعنى أرض البردى وفى الدولة الوسطى أطلق قدماء المصريون على نبات البردى اسم "منح" Mnh وفى الدولة الحديثة أطلق على نبات البردى اسم "ثوف أو ثوفى " Twf (y) والذى يعنى أحراش البردى وأجماته الكثيرة.
وأطلق على النبات الذى يشبه البردى كالبوص والغاب اسم "سعر" Scr وكذلك اسم (ى) ( y ) Isr واستخدم شكل نبات البردى كمخصص فى العديد من الكلمات الهيروغرافية فأحيانا تكون ( قطعة أرض ) أكمة عليها ثلاث سيقان من البردى ، وأحيانا أخرى تكون عبارة عن قطعة أرض عليها خمس سيقان من البردى منها اثنان متدليتان ومنحنيتان لأسفل وهى الأكثر شيوعا فى الكتابة.
2- أسماء أطلقت على البردى بعد إعداده ورقــاً :-
أطلق قدماء المصريين على نظافة البردى اسم "شفدو" Sfdw وعلى كتاب البردى اسم "مجات " Md3t التى اشتق منها لفظ "برمجات " Pr-md3t والتى تعنى بيت الكتب " المكتبة " أو دار الوثائق ، وأطلق على البردى المعد للاستعمال اسم " جمياع " Dmc وورقة البردى غير المكتوبة " شو " Sw
وهذه هى الأسماء التى وردت فى لغة المصريين القدماء ، والمتأمل فى حياة المصرى القديم يجد أن نبات البردى قد شغل حيزاً كبيرا من اهتمامه وعنايته بجانب استخدامه لشكل البردى فى لغته فقد استخدمه أيضاً فى فنونه ورسومه حيث اتخذ من شكل نبات البردى نموذجاً لعمل أعمدة المعابد كما فى مبنى بيت الشمال فى المجموعة الجنائزية للملك زوسر بسقارة كما كان يقوم أحيانا بعمل تيجان الأعمدة على شكل زهرة البردى فى حالة تفتحها كما فى معبد الكرنك أو شكل زهرة البردى وهى ما زالت برعما غير مكتملا كما في اعمدة معبد الاقصر او في بعض الاحيان يصور اجزاء اسفل اعمدة المعابد .